للتوبة لذة ..
ولأن الله رحيم بنا
قد شرع لنا التوبة وفتح الباب لعباده
فهنيئا لمن عرف واعترف بخطئه ولجئ لصاحب الحلم والرأفة
الحليم الغفور..
الله .. يحب التوابين , ويحب المتطهرين , بل يفرح بتوبة عبده إليه , أعظم من فرحة إنسان كان بأرض فلاة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه ,فانفلتت منه , فأيس منها , فجلس إلى جذع شجرة ينتظر الموت ,فأخذته إغفاءة ثم أفاق , فإذا بها واقفة عند رأسه , وعليه طعامه وشرابه , فقام إليها , وأمسك بزمامها ثم صاح من شدة الفرح : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) فسبحانه ما أعظمه وأرحمه , يفرح بتوبة عبده ليفوز بجنانه , ويحظى برضوانه , وهو ـ جلا وعلا ـ ينادي عباده المؤمنين بقوله
{ وَتُوبُوا إلى اللهِ جَميِعاً أَيُّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ } " سورة النور , آية 31"
فالتوبةغسل القلب بماء الدموع وحرقة الندم , فهي حرقة في الفؤاد , ولوعة في النفس , وانكسار في الخاطر , ودمعة في العين .
إنها مبدأ طريق السالكين , ورأس مال الفائزين , وأول أقدام المريدين , ومفتاح استقامة المائلين , التائب يضرع ويتضرَّع , ويهتف ويبكي , إذا هدأ العباد لم يهدأ فؤاده , وإن سكن الخلق لم يسكن خوفه , وإذا استراحة الخليقة لم يفتر حنين قلبه , وقام بين يدي ربه بقلبه المحزون , وفؤاده المغموم مُنَكَّس رأسه , ومقعشر جلده , إذا تذكر عظيم ذنبه , وكثير خطئه , هاجت عليه أحزانه , واشتعلت حرقات فؤاده , وأسبل دمعه , فأنفاسه متوهجة , وزفراته بحرقة فؤاده متصلة , قد ضمر نفسه للسباق غدا , وتخفف من الدنيا لسرعة الممر على جسر جهنم .